فوانيـــــــــــــــــــــس رمضـــــــــــــــــــان
يبقى شهر رمضان الفضيل هو شهر اليمن والبركات والخيرات على كافة الأصعدة، ففي هذا الشهر المبارك تنشط الأسواق ويرتفع الطلب على كافة السلع ويتنافس الناس على اقتناء تلك السلع وتبقى الفوانيس وحدها أحد أهم مظاهر البهجة والفرح بالشهر الكريم، لارتباطها الوثيق بالتراث الشعبي لدى الأمة الإسلامية،إلى جانب انتشار موائد الرحمن التي تعد من المظاهر المألوفة في الشهر الفضيل حيث تحظى بدعم كريم من المحسنين في جميع أنحاء البلاد الإسلامية.
تظهر الفوانيس في سماء الشهر الفضيل معلقة في الشوارع وفي بلكونات المنازل في كافة المدن والعواصم العربية والإسلامية، وتتنوع كل عام
وفوانيس رمضان تعلق وتزين بها شوارع وحارات مدن وعواصم عريقة من القاهرة الى تونس الى دمشق والقائمة تطول بحيث يكتب عليه بعض عبارات الترحيب بالشهر الكريم.
يقول محمد العربي تاجر تحف وفوانيس كويتي "عادة ما نستورد الفوانيس من الدول العربية مثل مصر وسوريا وحاليا وبكميات كبيرة من الصين ولكل مميزاته وزبائنه".
ويضيف العربي في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية أن الفوانيس الصينية أصبحت تنافس نظيرتها العربية بسبب رخص ثمنها كما أنها تصنع بأشكال وأحجام متعددة ومتباينة أشهرها الفانوس المضلع والهرمي ومصباح علاء الدين والسندباد أو على شكل دمى مصنوعة من البلاستيك وتحتوي على شمع الإضاءة والليزر وأسطوانة الأصوات وقرص مدمج صغير يصدر أصواتا لأغنيات بعضها ينتمي للفلكلور الشعبي وأخرى أغان حديثة.
وبالنسبة لأسعار الفوانيس الصينية يوضح العربي أنها منخفضة مقارنة مع باقي الفوانيس فيشتريها الآباء لأطفالهم الصغار للعب والتسلية رغم أنها لا تدوم أكثر من عدة أيام كونها استهلاكية لا تعمر.
ولفت إلى أن الفانوس الصيني في شكله أقرب إلى شكل اللعبة كأن يكون على شكل دمية وينجذب إليه الصغار خاصة أنه يحمل الأغاني الرمضانية في حين يقدم الأطفال الأكبر عمرا على اختيار الفانوس التقليدي "أبو شمعة".
وأكمل "أن الطلب لا يزال نشيطا على الفانوس البلدي (الصاج) الذي تقوم بشرائه المطاعم وكبرى المحلات للإعلان عن قدوم الشهر الكريم" وأكد على ارتفاع أسعار الفوانيس كثيرا حيث وصل بعضها إلى عشر دنانير بما يعادل نحو 200 جنيه مصري رمضان الحالي.
وتطرق تاجر الفوانيس الكويتي إلى الفوانيس قريبة الشبه إلى حد كبير من لاعبي كرة القدم ومن مطربين ونجوم السينما وبينها ما هو متباين الأشكال والأحجام ومنها ما هو مصنوع من الخشب.
ويقول إن الفوانيس تأخذ أشكال الكعبة المشرفة أو المسجد الأقصى والهلال وعلاء الدين وسندباد وقباب المساجد وتدخل في تصنيعها خامات كالنحاس والقصدير والزجاج الملون ويصل متوسط سعر الواحد من 1.5 إلى 10 دنانير كويتية نحو 100 إلى 200 جنيه مصري، وكل حسب حجمه.
في نفس السياق، قال خليل شحادة بائع في محل ألعاب للأطفال في منطقة شرق الكويتية "تباع عدة أشكال وأحجام وأنواع من الفانوس بينها الكبير والمتوسط والصغير جدا وأيضا تختلف المواد المصنعة منه وكما تختلف أسعاره وفقاً لذلك".
وأوضح أنه كان بعض الناس يقبلون على شراء فانوس كبير الحجم ملون بألوان كثيرة من الخارج وتكون داخله شمعة، لكن هذه الأيام الإقبال الكبير أصبح على الفوانيس التي تصدر أصواتا موسيقية ولم تعد الشمعة مرغوبة كما الماضي.
وأشار إلى أنه يعرض الفوانيس بنوعيها الصيني والمصري متمنيا أن تعود الصدارة إلى الفانوس التقليدي بأشكاله الإسلامية وزجاجه ذي النقوش العربية المعروفة لكنه لا يفعل حسب قوله أكثر من مجاراة السوق والامتثال لرغبات الزبائن.
ولفت إلى أن فوانيس رمضان تحولت إلى ما يشبه العادة الشعبية الممتعة خلال شهر رمضان الكريم والمحبب لدى الجميع "فقد أصبحنا نراها معلقة في البيوت والمحلات والخيام الرمضانية وداخل المؤسسات والشركات وفي بعض محلات الهدايا وأسواق التحف الشرقية وفي بعض المكتبات والمطاعم وهذا الطقس الرمضاني المفرح والمبهج أخذ بالانتشار سنة بعد سنة".
وأوضح أن وظيفة الفانوس الذي كان يوضع قديما في البيوت والمساجد لإضاءتها في الليل تحول إلى وسيلة فرحة وبهجة بحلول الشهر الفضيل وخصوصاً لدى الأطفال.
وحكى كيف انه وأقرانه كانوا يقومون بشراء الفانوس الملون والمزركش حيث كانوا يحملون تلك الفوانيس في ليالي رمضان ويدورون بها فرحين في الحارات يغنون الأناشيد الدينية والشعبية الجميلة وكذلك يرافقون المسحراتي ليلا أثناء قرعه الطبل مع فوانيسهم ويرددون وراءه ما يقوله من عبارات.
وأشار إلى عبارات كان ينشدها الأطفال بعد الإفطار في الحارات علهم يكسبون بعض الحلوى والمكسرات من البيوت.
اما الباحث في التراث الشعبي احمد البرجس فقال في تصريحات لـ (كونا) "الفانوس ولد في مصر وهناك علاقة وطيدة تربط المصريين بالفانوس خلال شهر رمضان المبارك تعود إلى مئات السنين وتحديدا مع قدوم الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى مصر وذلك في الليلة الخامسة من شهر رمضان من عام 358 هجرية الموافق 972 ميلادية.
وأوضح البرجس أن القاهريين خرجوا آنذاك عن بكرة أبيهم لاستقبال الخليفة المعز بالمشاعل والشموع إلا أنها كانت تنطفئ لقوة الرياح في تلك الليلة فاهتدى بعض الحدادين إلى طريقة لإدخال الشموع داخل أقفاص مصنوعة من الزجاج والمعدن لتمنع الهواء من إطفائها وأطلقوا عليها اسم الفانوس وأعجبت تلك الفكرة الخليفة فأمر أن تزين شوارع القاهرة وتضاء لياليها طوال الشهر الكريم بالفوانيس.
وكلمة فانوس كلمة ينتمي للغة الرمانية القديمة تعني مشعل، يقول الباحث في التراث الشعبي أن الفانوس القديم كان يضاء قبل آلاف السنين بسائل الزيت قبل اختراع الشموع ثم تطور إلى ان يضاء بسائل الجاز ثم أخيرا بالكهرباء والبطاريات الجافة.
ولفت إلى أنه مع مرور الوقت صنعت فوانيس أصغر حجما من أجل الأطفال يحملونها أثناء ذهابهم برفقة السيدات ليلا حيث كان تمنع المرأة من الخروج بمفردها وكان الأطفال يجدونها فرصة للهو بعد ذلك بتلك الفوانيس والسير بها أيضا خلف المسحراتي واستمرت تلك العادة التي حافظ المصريون عليها جيلا بعد جيل كما أخذتها عنهم بعض الشعوب الإسلامية كظاهرة تعبر عن البهجة والفرحة بحلول الشهر الفضيل.
من جانب آخر، تأتي موائد الرحمن أحد المظاهر المألوفة في شهر رمضان الكريم حيث تحظى بدعم كريم من المحسنين في كافة البلاد الإسلامية.
وتنتشر الموائد منذ مدة طويلة في كل المدن والعواصم العربية وفي المساجد وأمام المحال الكبرى وفي الشوارع، ويشرف عليها عدد من المتطوعين بهدف تقديم خدمة متميزة للصائمين تتناسب مع أهمية هذا الشهر المبارك.
وتجري الاستعدادات على قدم وساق مع حلول الشهر الكريم حيث يتم شراء جميع المواد اللازمة مع توفير المطبخ والمخزن واختيار العمالة المأجورة إضافة إلى تعيين الطباخين لطهي الطعام يوميا.
ويقبل على موائد الرحمن غير القادرين ولتفون على مائدة واحدة وربما تكون هذه هي المرة الوحيدة والأخيرة التي يرون فيها بعضهم.
ويتسابق أهل الخير في تقديم المساعدات الغذائية والوجبات الغذائية للصائمين الغير قادرين، وتجد الشوارع تكتظ بشباب يقفون في وسط الطريق لتوزيع بعض التمرات والعصائر على من يؤذن المغرب عليهم قبل وصولهم إلى منازلهم.
مما راقني